لا وجود "لليوم التالي" في غزة من دون فهم ماهية إسرائيل أولاً
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

المؤلف
  • إن الحديث عن اليوم التالي مضلّل، فهو لا يدور بشأن يوم أو بضعة أشهر، إنّما بشأن سنوات كثيرة مُقبلة. وما تعلّمناه في أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر هو أنه لا توجد طريقة فعلاً لتفادي الأسئلة المصيرية المتعلقة باستمرار وجودنا هنا؛ فكيف يمكن أن نعيش إلى جانب ملايين الفلسطينيين الذين يشاركوننا بقعة الأرض نفسها بين النهر والبحر؟
  • ويبدو هنا للوهلة الأولى أن الحديث يدور بشأن أسئلة سياسية مع حل سياسي، لكن عملياً، يعيدنا هذا النقاش إلى الساحة السياسية والفهم الذي ينص على أنه لا مهرب من التطرّق إلى الموضوع، وهناك حاجة إلى أن نستيقظ ونتخلى عن رؤية "إدارة الصراع" التي سيطرت هنا خلال السنوات العشر الماضية، وتعاظمت عقب "الاتفاقيات الإبراهيمية" التي أثبتت أن التجاهل ممكن، فالطريق إلى التطبيع مع المنطقة لا يمر برام الله، إنّما العكس.
  • كما يدور الحديث عن نظرية، فضّل الجيش، في إطارها، أن يكون في غزة تنظيم "إرهابي" كـ"حماس"، يشكل عنواناً لإدارة القطاع، وخوفاً من البديل الذي يمكن أن يحتاج إلى ترتيبات سياسية، ومن جهة أُخرى، اختار المستوى السياسي بقيادة بنيامين نتنياهو في السنوات الأخيرة أن يقوّي ويعزز قوة التنظيم "الإرهابي"، وذلك عبر حقائب الدولارات، بهدف عزل وإضعاف السلطة الفلسطينية. لقد كان الهدف من تطبيق سياسة "فرّق تسُد" منع كُل إمكان لنشوء واقع آخر في الضفة الغربية غير القائم فعلاً؛ عبر إضعاف السلطة الفلسطينية، وتعميق مشروع المستوطنات، وإنشاء وقائع على الأرض لا تسمح بالانفصال أو الاندماج.
  • وعملياً، هذه السياسة دفعت إلى أن تنمو تحت أنظارنا نوع من "حماستان" في غزة، وأدّت إلى تعزيز قوّة "حماس" في الضفة الغربية، ترافقت مع موجات "إرهابية" وبنى تحتية إيرانية تعزّزت أيضاً في الشرق.
  • وعلى الطريق، جرى تضييع سنوات كان يمكن أن يتم خلالها بناء بديل آخر، أو على الأقل إدارة حوار داخلي بشأن مسألة ما يمكن فعله الآن، والحل الذي يمكن أن يجيب أولاً عن التخوّف المبرر لأغلبية المجتمع الإسرائيلي من سُلطة فلسطينية مسلّحة وعدائية في الضفة، وفي الوقت نفسه يأخذ بعين الاعتبار الحل المفضّل للأغلبية التي لا تشارك اليمين المتطرّف رؤيته المسيانية، فاليمين المتطرّف يريد الدفع قدُماً برؤية أرض إسرائيل الكاملة من النهر حتّى البحر، وفرض وقائع على الأرض، والأشخاص أنفسهم أيضاً يتحدّثون عن عودة الاستيطان اليهودي إلى قطاع غزة.

لا يمكن التطرّق إلى الخطة من دون العودة إلى الساحة السياسية

  • لا يوجد الآن مهرب، فكل الطرق تدفعنا إلى النقاش الذي تم دفعه جانباً، كما لا توجد طريقة للحديث عن "اليوم التالي" من دون أن يسأل المجتمع الإسرائيلي نفسه عن سلّم أولوياته: من الاقتصاد، والعلاقات مع العالم، وصولاً إلى نظام الحكم، وطبعاً ماهية نوع المجتمع الذي يريد أن يراه هنا مستقبلاً، والإجابات جميعها تُشتق من الموضوع الفلسطيني.
  • إن الدولة الواحدة، أو السعي لحل مستقبلي لسلطة فلسطينية منزوعة السلاح تتبرأ من "الإرهاب"، والتطبيع الواسع مع دول المنطقة، أو الانفصال عن المجتمع الدولي والحرب الأبدية، كلها جزء من الحلول الممكنة، ولكل منها ثمنه الخاص. والأكيد هو أنه الآن، وبسبب العلاقة المصيرية التي تم صوغها بين اليمين المتطرّف المسياني وبنيامين نتنياهو، فإن القرارات المصيرية تُتخذ من دون أي نقاش معمّق. وفي هذه الأثناء، يترسخ الواقع الميداني ويتحوّل إلى حقيقة.
  • وهذا ما يحدث أيضاً في قطاع غزة الآن، إذ إن الإنجازات العسكرية تتآكل بسبب عدم وجود خطوة سياسية تنهيها. فلماذا لا توجد خطوة كهذه ولا يوجد أفق للقرارات؟ كما قلنا؛ فإن كل شيء يعود إلى المستوى السياسي ولا مفر من ذلك، ومن أجل نقاش "اليوم التالي" في غزة ومستقبل الدولة كلها، فإن علينا أن نمر بصناديق الاقتراع، وعلى الحكومة أن تحصل على تفويض جديد على أمل أن تعالج المعركة الانتخابية هذه المرة ما يهمنا فعلاً؛ كيف يمكن لإسرائيل، كما يفترَض بها، أن تتواجد في هذه المساحة الواقعة بين النهر والبحر بعد 7 من تشرين الأول/أكتوبر؟ وأي مجموعة قيم مطلوبة من أجل إظهار القوّة التي ستبقينا هنا لسنوات طويلة مستقبلاً؟
  • في الوضع الحالي، فإن كُل من يتوقّع قرارات استراتيجية كالوزير غادي آيزنكوت، سيكتشف أن هذا يحدث ميدانياً في يد من يمسك بالمقود فعلاً؛ وهما الوزيران، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، بقيادة نتنياهو الذي يسمح بحدوث هذا.
 

المزيد ضمن العدد