مطالب "حماس" غيرّت المفاوضات والنقاش الحقيقي هو بشأن "اليوم التالي للحرب"
تاريخ المقال
المصدر
- تحولت المفاوضات بشأن إطلاق المخطوفين في الأسابيع الأخيرة إلى مفاوضات تتعلق بـ"اليوم التالي للحرب"، ولهذا السبب، ستكون صعبة ومليئة بالأزمات ومستمرة. التحفظات والمطالب التي طرحتها "حماس" هي التي حوّلت المفاوضات بشأن تحرير المخطوفين الإسرائيليين، في مقابل وقف القتال وإطلاق سراح "مخربين" من السجون الإسرائيلية، إلى مفاوضات بشأن ما سيؤول إليه قطاع غزة في نهاية الحرب.
- عملياً، ما تطالب به "حماس" شروط تسمح لها، ليس فقط بالبقاء كجيش "إرهابي" في القطاع، مهزوم، لكنه لا يزال موجوداً، بل تسمح لها أيضاً بالتعافي. لذلك، تطالب "حماس" بخروج الجيش الإسرائيلي من ممر نتساريم، وهو ما سيسمح لعناصرها بالعودة مع سلاحهم إلى مواقعهم في شمال القطاع، والأكثر أهميةً هو ألّا يستطيع الجيش مراقبة محور فيلادلفيا ومعبر رفح، اللذين تحصل "حماس"، عبرهما، على العتاد والمواد الأولية لإنتاج السلاح، عن طريق سيناء ومصر.
- التعهدات التي تطالب "حماس" بالحصول عليها من الدول الوسيطة، ومن الولايات المتحدة، ومن روسيا والصين، بشأن عدم عودة إسرائيل إلى القتال، هدفها حرمان إسرائيل حرية العمل العملاني في القطاع في "اليوم التالي للحرب".
- هذا المكون الذي أدخلته "حماس" إلى المفاوضات، يجبر إسرائيل على اتخاذ قرار بشأن المخطط الذي تريده، والذي يخدم مصالحها في "اليوم التالي" لصفقة المخطوفين، التي ستنهي الحرب، عملياً، وتنقل الجيش الإسرائيلي إلى ما يسمى بالمرحلة الثالثة، أي صيانة الإنجازات التكتيكية التي نجح الجيش في تحقيقها في القطاع في الأشهر التسعة من القتال.
- ما تحاول إسرائيل تحقيقه في المفاوضات هو ثلاث مصالح: المصلحة الأولى، المحافظة على سيطرتها على الميدان، استخباراتياً، مع قدرة الجيش، وخصوصاً "الشاباك"، على جمع المعلومات، بشرياً، كما هي الحال في غزة حالياً. المحافظة على التفوق الاستخباراتي ضرورية لمنع "حماس" من التعافي مجدداً.
- المصلحة الثانية لإسرائيل، هي في المحافظة على حرية العمل العملاني في القطاع، حتى بعد خروج الجيش من القطاع كله، أو من الجزء الأكبر منه.
- والمصلحة الثالثة، هي في التوصل إلى التنسيق مع مصر والتعاون معها لمنع تهريب السلاح والمواد الخام من أجل إنتاج السلاح، ومنع دخول وخروج الغزيين للتدريب وجمع المعرفة في إيران. هذا التنسيق يمكن أن يحلّ محلّ الوجود في معبر فيلادلفيا.
- ليس من السهل على "حماس" قبول ذلك، لكن إذا أصرّت إسرائيل على ذلك، فما من مفرّ أمام السنوار، الذي سيضطر إلى إبداء مرونة في مواقفه.
- يتعين على إسرائيل عدم التنازل عن هذه المصالح الحيوية في الصفقة، لكن من جهة أُخرى، في الحرب الاستراتيجية التي نشهد ذروتها اليوم، والتي ستحدد مستوى الأمن الجسدي الوطني لمواطني إسرائيل في العقود المقبلة، فإن صفقة المخطوفين لها الأولوية الأولى...
- إن إنهاء قضية المخطوفين وحده سيعيد التماسك والوحدة الداخلية والحصانة الوطنية إلى المجتمع الإسرائيلي، وسيرمم ثقة هذا المجتمع التي تآكلت بالحكومة التي تديره...
- لكن المهمة الأهم هي في الشمال. كثيرون تحدثوا عن ضرورة السماح لسكان الحدود الشمالية بالعودة إلى منازلهم، من دون قوة الرضوان التي تهددهم وتهاجم مستوطناتهم، ومن دون العيش، طوال الوقت، تحت تهديد الصواريخ المضادة للدروع والمسيّرات.
- يجب أن نقول، بوضوح، إن المهمة في الشمال لن تنتهي بإبعاد مسلحي حزب الله إلى مسافة 10 كلم عن الحدود، وعندما يصبح الجنوب منزوع السلاح. لدى حزب الله ترسانة هائلة من عشرات الآلاف من القذائف والصواريخ الثقيلة التي تهدد الجبهة الداخلية الإسرائيلية. ويجب أن نعترف بأن سلاح الحزب لن "يصدأ"، بحسب تقدير أحد رؤساء الأركان السابقين. الحرب الحالية هي الفرصة الأفضل من أجل تدمير هذا التهديد، قبل أن يحوّله حزب الله والإيرانيون، بمساعدة الروس، إلى "وحش" لن يكون في إمكان إسرائيل وحدها مواجهته. اليوم، لدى الجيش القدرة على مواجهة هذا التهديد وحده، وإذا تدخلت إيران، فمن المعقول الافتراض أن الأميركيين سيساعدوننا. في المستقبل، هذا ليس مؤكداً. يجب علينا مواجهة "الوحش" الآن، والجيش الإسرائيلي قادر على ذلك، الآن، طبعاً بالتنسيق مع الولايات المتحدة...