الغرب عاجز أمام التهديد الحوثي المتّسع، وهذا "الإرهاب" موجود لكي يبقى
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

  • قليل من الخبراء، إن وُجدوا أصلاً، رأوا في بداية حرب "السيوف الحديدية" [طوفان الأقصى] أن التهديد الحوثي لإسرائيل يستحق اهتماماً خاصاً. إذ كان يُنظر إلى التهديد العسكري الآتي من جهة الميليشيات الشيعية في العراق، والجماعات "الإرهابية" الفلسطينية في غزة، وبالتأكيد حزب الله، أنه أكبر كثيراً من التهديد الحوثي الذي كان يُعتبر "مزعجاً"، لكنه ليس مؤذياً فعلاً. أمّا اليوم، لقد بات واضحاً أن التنظيم "الإرهابي" اليمني يشكل تهديداً كبيراً، ليس فقط لإسرائيل، بل لاستقرار الإقليم، وحتى للاقتصاد العالمي، وهو يزداد تفاقماً بمرور الوقت.
  • لقد ساعدت الحرب الحوثية - السعودية، والدعم الكبير الذي تلقاه الحوثيون من إيران، على شكل أسلحة ومعرفة ساعدتهم على إنتاج أسلحة مستقلة في اليمن، على جعل الحوثيين، ليس فقط منظمة "إرهابية" ذات قدرات عسكرية "دولتية" (خاصة في مجال الصواريخ البالستية)، بل ساعدتهم كثيراً على تطوير "مناعة" ضد الهجمات الخارجية. هذا الأمر يساعد أعضاء التنظيم على الاستمرار في إطلاق النار على إسرائيل، وعلى السفن المارة في مضيق باب المندب، وعلى تهديد الوجود البحري الأميركي في المنطقة من دون أن تتضرر "استمرارية عملياتهم" بشكل كبير. هذا، على الرغم من سلسلة الهجمات التي شنتها القوات الأميركية على المنشآت الاستراتيجية التي يستخدمها الحوثيون خلال الأشهر الماضية.
  • لقد تمكن الحوثيون من تجميع المعرفة والقدرات، وصولاً إلى تطوير قدرة إنتاج محصنة، في موازاة استمرار الدعم الإيراني، وهو ما يسمح لهم بالحفاظ على وتيرة إطلاق النار على الأهداف نفسها. كما يسمح لهم بإدخال أسلحة إضافية فريدة في نوعها إلى المعركة، مثل القوارب المفخخة التي استخدمها الحوثيون في السابق ضد السعودية، والتي تُستخدم الآن أيضاً في المعركة البحرية ضد الأميركيين، أو ضد السفن المدنية المتجهة إلى إسرائيل. يقف النظام الدولي، من نواحٍ كثيرة، عاجزاً في مواجهة الحوثيين، ويبدو أنه يأمل بشكل رئيسي بانتهاء المعركة في غزة، وهو ما سيؤدي أيضاً إلى توقف الهجمات الحوثية.
  • ومع ذلك، سيكون من الصعب بمكان، حتى بعد انتهاء المعركة في غزة، إعادة "الجن" الحوثي إلى قمقمه. إذ اكتشف الحوثيون، بعد انضمامهم إلى المعركة في مواجهة إسرائيل، أن الأمر يعزز مكانتهم داخل "محور المقاومة" بشكل كبير، ويقوي قدرتهم على الردع، وبصورة خاصة ضد السعودية. لذلك، من المحتمل أن يستمر الحوثيون في استخدام "القوة" لتحقيق أهدافهم، حتى إذا توقفت الهجمات على إسرائيل (في حال توقف إطلاق النار في غزة)، ولذلك، قد تستمر عملياتهم العسكرية في منطقة المضائق، لكن أهدافها ستكون مختلفة (رفع الحصار، الابتزاز الاقتصادي، وغيرها).
  • وأكثر من ذلك، لقد أدت الحرب الراهنة إلى نتيجة ثانوية إضافية تتمثل في تعزيز العلاقات بين الحوثيين وحزب الله (الذي ساعد الحوثيين سابقاً في قتالهم ضد السعوديين)، إلى جانب الميليشيات الشيعية في العراق، التي تتعاون مع الحوثيين، عملياتياً واستراتيجياً، وهو ما يزيد في التهديد الآتي من هذه التنظيمات.
  • إن ازدياد شعور الحوثيين بالثقة يدفعهم إلى رفع منسوب تهديداتهم ضد السعودية مؤخراً، في محاولة لابتزاز السعوديين، للحصول على تنازلات مالية وسياسية، وغيرها، وحفظ اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين، بالإضافة إلى التهديدات العلنية التي أطلقتها الميليشيات الشيعية في العراق ضد العائلة السعودية المالكة في حال انهيار الاتفاق بينهم وبين السعوديين. علاوةً على ذلك، يوسع الحوثيون أيضاً نشاطهم في القارة الأفريقية في محاولة لزيادة تهديدهم لإسرائيل من منطقة البحر الأبيض المتوسط، وهو ما يهدد أيضاً المصالح الخليجية في القارة. فالعلاقة بين الحوثيين وتنظيم الشباب الصومالي "الإرهابي"، مثلاً، تهدد نشاطات الإمارات العربية المتحدة التي تسعى لتحقيق الاستقرار في الوضع الداخلي المتزعزع في الصومال.
  • يمكن اعتبار الحوثيين مثالاً واضحاً لخطر انتشار الأسلحة التقليدية الإيرانية، التي تنقل فعلياً قدرات استراتيجية إلى أيدي تنظيمات "إرهابية" تستخدمها لزعزعة الاستقرار الإقليمي والدولي. ويشكّل الأمر دليلاً إضافياً على الحاجة إلى العمل بشكل واسع لقطع العلاقة بين إيران والحوثيين من خلال مجموعة متنوعة من الإجراءات، بما في ذلك الحاجة إلى تكبيد إيران أثماناً، كردّة فعل على نشاطات الحوثيين، وعلى وجه الخصوص، التركيز على العقوبات التي من شأنها منع طهران من الاستمرار في دعم بناء قوة التنظيم "الإرهابي" اليمني.
  • إن التهديد الحوثي، عموماً، واستعداد قادة التنظيم الحوثي، خصوصاً، لاستخدام القوة العسكرية لتحقيق رغباتهم، يتطلب تشكيل تحالف دولي، يهدف بشكل رئيسي إلى ضرب بناء القوة الحوثية ضربات جسيمة، لإضعاف قدرة هذا التنظيم على التهديد بصورة كبيرة، وعلى الصعيد نفسه، ضرب قدرتهم السلطوية بصورة جسيمة. وعلى الرغم من أن إسرائيل تُعتبر هدفاً رئيسياً للحوثيين، فإن نشاطهم يؤثر في العديد من الدول في المنطقة والنظام الدولي (هو يؤثر في مصر على صعيد الخسائر في عائدات قناة السويس، ويؤثر في الدول الأوروبية والآسيوية بسبب التهديد الحوثي لحرية الملاحة في مضيق باب المندب، ويشكل تهديداً عسكرياً مستمراً لدول الخليج)، لذا، بات من الضروري تجنيد هذه الأطراف لمصلحة المعركة ضد الحوثيين.
 

المزيد ضمن العدد