روسيـا الجديدة والشرق الأوسط
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

– مباط عال
المؤلف

·       تجري في روسيا، في الآونة الأخيرة، عملية عصف فكري تناقش قضية صورة الدولة المستقبلية والطريق التي ستختارها في النظام الدولي. وفي هذا الإطار، تجري دراسة موضوعات مبدئية تتعلق ببلورة المسار السياسي الذي ستسلكه روسيا مستقبلاً ـ هل ستكون قوة عظمى تخوض تنافساً بشأن مكانتها العالمية، وهذا ما اتسم به سلوكها خلال العقد الفائت، أم شريكاً في أحد المعسكرات الدولية؟

·       وعلى الصعيد السياسي، تقف روسيا على مفترق طرق، وذلك عقب عقد كان مليئاً بالتقلبات في علاقاتها مع الغرب. وقد تضمن هذا العقد فصولاً من التعاون الأمني (في الحرب على الإرهاب)، وتوترات نجمت عن سلوك روسي متعنت في الساحة الدولية، والجهود التي قامت بها لكبح توسع حلف شمال الأطلسي، وحربها ضد جورجيا.

·       هناك مَن يعتقدون، ومنهم رئيس الوزراء فلاديمير بوتين، أن التنافس العالمي بشأن تبوأ موقع القيادة لا يزال مستمراً، لكن في المقابل، هناك مَن يدعمون مفهوم إنشاء نظام عالمي جديد، ويفضلون الانضمام إلى اتحاد دولي قائم أو إلى اتحاد جديد يصار إلى إنشائه. وفي هذا الإطار، تجري مناقشة بدائل للتعاون مع الاتحاد الأوروبي، أو الشرق الأقصى، وخصوصاً الصين.

·       شؤون الشرق الأوسط وإسرائيل ليست غائبة عن هذه المناقشات، وفيما يلي بعض الموضوعات التي هي مدار البحث:

أ - الشرق الأوسط: يُنظر إليه على اعتبار أنه منطقة استراتيجية مهمة يدور فيها تنافس عالمي. ويوجد لروسيا فيها طيف واسع من المصالح، وهناك مَن يعتقدون أن أهميته تتقدم على أهمية الغرب والصين. وفي هذه الأثناء، تواصل روسيا نشاطها في المنطقة بهدف تعزيز مكانتها ونفوذها، من خلال التنافس مع الغرب.

ب - إيران: يعترف الروس بأن البرنامج النووي الإيراني يشكل مشكلة مهمة، لكنهم مع ذلك يتعاملون معه باعتباره حقيقة منتهية. وفي نظرهم، من المحتم أن تصبح إيران قوة كبرى إقليمية. ولا يتعاطف الروس مع فكرة تشديد العقوبات على إيران ويفضلون مقاربة الحوار لا المواجهة. وهم فعلاً يعارضون بقوة تخصيب اليورانيوم للأغراض العسكرية، ويوضحون أن الإيرانيين على استعداد للتنازل عن تخصيب اليورانيوم لهذه الأغراض، وعن مخزون اليورانيوم الموجود في حيازتهم. وفي المقابل، يعترف الروس بحق الإيرانيين في الحصول على الوقود للمفاعلات النووية المدنية.

ج - إسرائيل: هناك نظرة تقدير لإسرائيل، وهي تُعتَبر حليفاً محتملاً، بل تُطرح أفكار لدمجها، إلى جانب روسيا، في الاتحاد الدولي المستقبلي المذكور أعلاه. وهناك أيضاً خلافات في الرأي [بين النخب الروسية]، إذ يوجد بينهم مَن يصوّرون الدبلوماسية الإسرائيلية على أنها نجحت في تحويل الموضوع الإيراني إلى مشكلة دولية مركزية في الشرق الأوسط، بدلاً من المشكلة الإسرائيلية. وفي الشأن الإيراني، يتم توجيه رسائل إلى إسرائيل تدعوها إلى الامتناع من مهاجمة إيران. وهناك مَن يعتقدون أن هجوماً كهذا هو أمر حتمي، وأن دلالته ستكون حرباً شاملة تؤدي إلى وضع جداول أعمال دولية جديدة. وفي نظرهم، فإن على روسيا الاستعداد لواقع كهذا. وهناك أصوات أخرى تنظر إلى النشاط الذي تقوم به إسرائيل في القوقاز وأذربيجان وجورجيا على أنه لا يخدم بالضرورة المصلحة الروسية. كذلك فإن القيادة الروسية تكرر التزامها عملية السلام وإسرائيل، ولا سيما أن في إسرائيل أعداداً كبيرة من المتحدرين من روسيا، وهي ليست على استعداد للتخلي عنهم. وتوجه روسيا أيضاً رسائل فحواها أنها ستكون على استعداد للمشاركة في ترتيبات أمنية مستقبلية في الشرق الأوسط.