مقابلة مع البروفسور موشيه ماعوز* بشأن الأوضاع في سورية
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

اسمح لي أن أبدأ من النهاية، هل في إمكان بشار الأسد الصمود في مواجهة الأحداث الدامية التي تجري في بلاده؟

– "في إمكان بشار أن يصمد لفترة من الزمن لا أعرف مدتها، لكن موازين القوى تميل حالياً لمصلحته. فهو يسيطر على الجيش بواسطة الضباط العلويين الذين يتولون مناصب مهمة وحساسة في الفرق العسكرية المقاتلة وفي الاستخبارات والوحدات الخاصة.

الأمر المهم الآخر هو عدم حدوث حالات فرار من الجيش حتى الآن، على الرغم من أن أغلبية الضباط الصغار هي من السنة. فالطبقة الوسطى الجديدة التي ساهم بشار الأسد مع والده في بنائها هي طبقة مستفيدة من النظام وتتكون من العلويين والسنة والمسيحيين وغيرهم.

وحتى اللحظة لم تتحرك مدينتا دمشق وحلب، واقتصرت الاحتجاجات على مدن الأطراف ولم تصل إلى مئات آلاف الفلاحين والعمال المستفيدين من نظام البعث، والذين من مصلحتهم حصول إصلاحات اقتصادية. هذا هو الواقع، فقد شهدت سورية حراكاً اجتماعياً واقتصادياً كبيراً جداً لفلاحين تعلموا وانتقلوا إلى العيش في دمشق وهم مدينون بصعودهم الاجتماعي الجديد للنظام.

ويجب أن نذكر ألاّ مجال للتدخل الخارجي في سورية التي تختلف عن ليبيا، فالمصالح هي التي تحسم الأمر هنا. والغرب يعرف النظام السوري، وهو يأمل، وكذلك إسرائيل، بإخراج سورية من محور الشر. كذلك يعلم الأميركيون أن في إمكانهم التوصل إلى صفقة مع هذا النظام، ولا أحد يستطيع أن يتكهن من سيأتي من بعده."

ما هو وضع المعارضة السورية؟

– "إن أغلبية أفراد المعارضة هي اليوم في القبور، مثل الإخوان المسلمين الذين قتلوا في أحداث حماه سنة 1982، لكنهم ما زالوا يشكلون معارضة صامتة قوية، وهم الأقدر على الصعود بصورة كبيرة، فلديهم تنظيم وأيديولوجيا، وفي استطاعتهم الوصول إلى آلاف المساجد. لكن المفارقة أن الأسد الأب والابن شيّدا بعد سنة 1982عدداً كبيراً من المساجد بهدف المصالحة مع الإخوان. إن توحد الإخوان المسلمين مع الجيش السوري يمكنه تغيير الصورة. وهناك معارضة في الخارج، مثل نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام، السني المتزوج من علوية، والمقيم حالياً بباريس، والمتحالف مع الإخوان المسلمين منذ سنة 2006. كذلك هناك فريد الغادري، زعيم حزب الإصلاح السوري، والمقيم بواشنطن، والذي أعلن الثورة من هناك."

ما الذي يمكن أن يدفع الضباط السنة إلى الفرار من الجيش بأعداد كبيرة؟

– "إن وقوع مذبحة أو عمليات قتل جماعية قد يؤدي إلى حدوث تمرد. فوقوع ضحايا بين عائلات الجنود قد يدفعهم إلى الفرار وإلى التمرد، الأمر الذي يؤدي إلى فقدان السيطرة على الجيش. هذا هو الاحتمال الوحيد الذي أراه. ولكن ما هو عدد الفرق العسكرية التي تدعم الشباب العلماني الذي يتظاهر في الشوارع مطالباً بالديمقراطية؟ إن هؤلاء غير منظمين ولا زعامة لهم، أمّا الجيش فمنظم وله أهمية كبيرة في سورية."

إلى أي حد يتحكم بشار الأسد بالقرارات في بلده؟

– " لقد جرى الاستخفاف به في بداية عهده لكنه أثبت أنه ليس أحمقاً... وتبدو سياسته الخارجية الإقليمية ناجحة، فقد أقام علاقات مع إيران وتركيا والسعودية، وهو يسيطر على لبنان، وله صلات بـ ‹حماس›، ولا يمكن الاستخفاف به. حتى الولايات المتحدة أرسلت سفيراً لها إلى دمشق، واستأنفت فرنسا علاقاتها به. لكن الأسد اليوم مضطر إلى اتخاذ قرار: ماذ سيفعل في الداخل السوري. لا شك في أنه يتشاور مع آخرين قبل اتخاذ قراراته، وحسناً فعل بزواجه من إمرأة سنية... لا وجود للديمقراطية في سورية، وفي رأي البعض أن الأسد أخطأ في حديثه عن الإصلاحات..."

هل ما زال العالم مستعداً للتعامل مع نظام الأسد في حال صمد بعد الصورة المرعبة من سورية؟

– "بالتأكيد. بعد الغزو الأميركي للعراق سنة 2003، ساعد السوريون صدام حسين وقد فرض عليهم الكونغرس عقوبات، لكن السوريين واصلوا تجارتهم مع الأميركيين. فالعقوبات المفروضة على سورية تختلف عن تلك التي فُرضت في الماضي على جنوب إفريقيا. علاوة على ذلك ستكون هناك دول مستعدة لدعم سورية، مثل روسيا والصين وكوريا الشمالية ودول عربية..."

يقال إن إسرائيل تتمنى بقاء الأسد، فهل تعتقد أن سقوطه سيضعف إيران؟

– "هذا صحيح، هناك من يتمنى في القدس صمود بشار الأسد لأنهم يعتقدون أن في الإمكان إغراءه. علينا أن نفهم أن الواقع ليس أبيض أو أسود. هناك أيديولوجيا، لكن هناك أيضاً مصالح. في اعتقادي أن في مصلحة سورية التوصل إلى تسوية سياسية مع إسرائيل وأن تصبح جزءاً من المعسكر السني، لكن في مقابل ثمن باهظ، وهو استرجاع مرتفعات الجولان، والحصول على النفوذ في لبنان، ومساعدة أميركية وأوروبية..."

هل سقوط الأسد يقلل إمكانات اتفاق السلام مع سورية أم يزيدها؟

– "لا نستطيع معرفة ما سيجري. لو أننا نضمن نشوء دولة ديمقراطية في سورية على الطراز الغربي لكنا خاطرنا بالمراهنة على ذلك. لكن مثل هذه الدولة لن تنشأ، فليس هناك قوى ديمقراطية قوية في العالم العربي لأن الديمقراطية بحاجة إلى وجود طبقة وسطى قوية، ويمكن أن تكون حينها صورة عن الديمقراطية في لبنان، أو تلك الموجودة لدى الفلسطينيين..."

________

* [موشيه ماعوز (76 عاماً) له أكثر من 22 كتاباً و66 مقالاً أغلبيتها عن سورية، مستشار الشؤون العربية في عهد إسحق رابين، أستاذ في الجامعة العبرية]

 

المزيد ضمن العدد 1167