لنمرر الكرة إلى الجانب الآخر
تاريخ المقال
المصدر
- إسرائيل تتعامل بشكل مختلف مع ثلاث قضايا مطروحة في فضاء الحرب مع غزة: "المختطفون"؛ "وقف إطلاق النار"؛ و"اليوم التالي".
- بشأن تحرير الرهائن، تقول إسرائيل "نعم" للمفاوضات؛ أما بشأن وقف إطلاق النار، فإنها تقول "لا؛ وفيما يتعلق باليوم التالي، فإنها تقول "ليس الآن، بعد الحرب". وفي موضوع الرهائن - فإنه الموقف الصحيح والمفهوم. أما بشأن السياسات في القضيتين الأُخريَين، فيجب إجراء تغييرات استراتيجية، وأيضاً في المجال الدعائي.
- وقف إطلاق النار في حرب مستمرة هو وضع مطلوب، ويتم التعامل معه كخطوة إيجابية على طريق وقف إطلاق نار دائم، وبعدها اتفاق سلام. وفي أعقاب الدمار والموت في غزة، تزداد المطالبات، وبصورة خاصة في أميركا الشمالية وأوروبا الغربية، بوقف إطلاق النار. الرد الإسرائيلي على هذه المطالب هو الرفض، بادّعاء صائب، مفاده أن وقف إطلاق النار سيكون بمثابة جائزة لـ"حماس" والجهاد الإسلامي "القاتلَين"، وسيسمح لهما بتنظيم قواهما من جديد والنجاة، ثم العودة إلى "إرهابهما"، كما تؤكد قيادتهما.
- رئيس الولايات المتحدة، جو بايدن، يطالب بـ"وقف إطلاق نار إنساني"، من أجل إدخال الغذاء والمياه والأدوية إلى جنوب غزة، والسماح بتحرير الرهائن. إلا إن استطلاعاً للرأي أجرته وكالة "رويترز" في الولايات المتحدة، يشير إلى أن 68% ممّن شملهم الاستطلاع في الولايات المتحدة يدعمون وقف إطلاق النار. ويمكن الافتراض أن هناك بلبلة في أوساط الجمهور الأميركي بين "وقف إطلاق النار" و"هدنة إنسانية"، وجزء كبير منهم لا يفهم أن وقف إطلاق النار سيوقف الجيش، ويمكن أن يترك "حماس" في الحكم. إلا إن المهم هو ما يعتقدونه، وليس ما يفهمونه.
- يجب أن يتم تغيير الموقف الإسرائيلي الرافض، بحيث يُصاغ بمصطلحات إيجابية - "نعم، ولكن".
- على إسرائيل أن تقول إنها ستوافق على وقف إطلاق نار، إذا خضعت "حماس"، من دون أي شروط، وسلّمت سلاحها، وغادرت قيادتها القطاع، ويعود الرهائن جميعهم. من المتوقع أن ترفض "حماس" هذه الشروط، لكن إسرائيل ستكون مرّرت الكرة إليها، وأثبتت أنها ليست الجهة التي تدفع في اتجاه استمرار الحرب والدمار والضحايا.
- يجب تبنّي سياسة مشابهة بشأن "اليوم التالي". الولايات المتحدة وإسرائيل تتفقان على أن "حماس" لن تحكم في غزة. ومنذ بدء الحرب، يطالب بايدن والمقربون منه بمعرفة كيف ترى إسرائيل الجهة التي ستحكم بدلاً من "حماس"، بعد انتهاء الحرب. لكن ردّ إسرائيل طوال الوقت، هو أنه يجب إخضاع "حماس" الآن. بدوره، بايدن يشدد على إعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة وحلّ "دولتين لشعبين". إنه يريد أن تهزم إسرائيل "حماس" والجهاد، لكنه يرى أيضاً فرصة في تحقيق الرؤية الأميركية منذ سنوات بشأن حل دائم. نتنياهو يرفض إعادة السلطة.
- على إسرائيل طرح رؤيتها وتنسيقها مع الموقف الأميركي، لأنه في حال استمرت في الرد السلبي، أو "ليس الآن"، فسيحاول آخرون تطبيق رؤيتهم. ومن بين كل البدائل المطروحة بشأن غزة في اليوم التالي، فإن فكرة عودة السلطة الفلسطينية تُعد الأقل سوءاً.
- على إسرائيل التعاون مع الولايات المتحدة، وأن تقوم بصوغ ردّ بروح إيجابية: نعم لإعادة السلطة، ولكن يجب أن تتغير وتلتزم بشروط معينة، كأن يكون لدى إسرائيل إمكان الوصول إلى كل مكان في القطاع، وإقامة منطقة أمنية عازلة بين إسرائيل وغزة، ومنع أعمال "حماس" والجهاد، وتفكيك الأونروا، وتغييرات في المناهج التعليمية والإعلام، ووقف دفع المخصصات لعائلات "المخربين"، ورقابة على حركة الأموال، وغيرها من الأمور. من المتوقع أن تتبنى الولايات المتحدة هذه الشروط. بايدن قال إن على السلطة الفلسطينية أن تتغير. ومن المتوقع أن ترفض السلطة هذه الشروط، حينها، ستكون هذه مشكلة بايدن.
- في الردود الإيجابية، مثل "نعم، ولكن"، بشأن وقف إطلاق النار واليوم التالي، يمكن لإسرائيل أن تقلص الانتقادات الموجهة إليها، وأن تطيل أمد الساعة الدبلوماسية، وأن توقف الضرر الذي يلحق بالشرعية الدولية للحرب، وبدلاً من المواجهة مع الولايات المتحدة - يجب تنسيق المواقف معها.